أما الاول فواضح ، وأما الثاني ، فلان الحكم الشرعي المستكشف به عند طروء انتفاء ما احتمل دخله في موضوعه ، مما لا يرى مقوما له ، كان مشكوك البقاء عرفا ، لاحتمال عدم دخله فيه واقعا ، وإن كان لا حكم للعقل بدونه قطعا (١).
______________________________________________________
الدعوى مما لا يشك فيه ، لوضوح القطع بامكان قيام بناء العقلاء والظن والسيرة والاجماع على الموضوع بحسب نظر العرف.
(١) يشير الى دفع ما يدعى من التفصيل بين كون الحكم عقليا فلا يجري الاستصحاب لعدم الاتحاد ، وبين كونه نقليا فيجري الاستصحاب لتحقق الاتحاد. وحاصل هذه الدعوى : ان كون الموضوع في الاستصحاب بنظر العرف ـ لا دقيّا ولا بلسان الدليل ـ انما يجدي في تحقق الاتحاد في القضيتين في خصوص الاحكام الشرعية الكليّة دون الاحكام العقلية التي مرجعها الى حكم كلي لعناوين ادرك العقل حسنها وقبحها ، ومن الواضح ان الحكم في هذه القضايا يدور مدار تحقق العناوين التي هي المحكومة بذلك الحكم ، وهي العلّة التامة للحكم عند العقل ، فلا بد من ان يكون الشك في الحكم فيها ناشئا من الشك في ثبوت موضوعها ، والّا متى احرز موضوعها بما له من عنوانه لا يعقل ان يكون حكم ذلك العنوان المحرز مشكوكا.
وبعبارة اخرى : ان تلك العناوين علّة تامة للحكم ، ولا يعقل تحقق الشك في المعلول الّا مع تحقق الشك في العلّة ، لان العلّة والمعلول متلازمان يقينا وظنا وشكا ، فعروض الشك في الحكم ملازم لعروض الشك في الموضوع ، فموضوع الاستصحاب وان كان بيد العرف الّا انه لا يجدي في الاحكام العقلية ، لعدم امكان ان يرى العرف عدم الملازمة بين العلّة التامة ومعلولها ، بخلاف الاحكام النقلية فان عنوان الموضوع فيها ليس هو العلّة التامة للحكم ، والعلّة التامة له شيء آخر ، فلا مانع من حكم العرف بتحقق الموضوع في القضيتين ، ولا يلازم الشك في الحكم فيها الشك في الموضوع.