الثاني : إنه لا يخفى أن الاصل فيما إذا شك في جزئية شيء أو شرطيته في حال نسيانه عقلا ونقلا ، ما ذكر في الشك في أصل الجزئية أو الشرطية ، فلولا مثل حديث الرفع مطلقا ولا تعاد في الصلاة يحكم عقلا بلزوم إعادة ما أخل بجزئه أو شرطه نسيانا ، كما هو الحال فيما ثبت شرعا جزئيته أو شرطيته مطلقا نصا أو إجماعا (١).
______________________________________________________
فان البراءة النقلية لا تجري في الثاني وتجري في الاول ((لدلالة مثل حديث الرفع على عدم شرطية ما شك في شرطيته)) لان للشرطية جعلا بالتبع ((وليس كذلك خصوصية الخاص)) فانه ليس لها جعل بالتبع ((فانها)) من الواضح أن خصوصية الخاص ((انما تكون منتزعة عن نفس الخاص)) الذي هو شيء واحد ، وكون العام والخصوصية اثنين انما هو بتعمّل وتحليل من العقل لا في الخارج ، فان الانسان في الخارج شيء واحد يحلله العقل الى الجنس والفصل ، ولذلك ((فيكون الدوران بينه)) أي بين الخاص ((وغيره)) أي العام ((من قبيل الدوران بين المتباينين)) كما عرفته مفصّلا.
(١) هذا التنبيه الثاني لبيان جريان البراءة في ما لو شك في جزئيته او شرطيته في حال النسيان. وتوضيح الكلام في ذلك يتوقف على بيان امور :
الاول : ان الناسي تارة ينسى جزئية الجزء بان نسى كون السورة جزءا ـ مثلا ـ مع التفاته الى نفس السورة. واخرى ينسى الاتيان بذات الجزء بان كان عالما بان نفس السورة جزء ولكنه في مقام الاتيان بالصلاة نسى السورة وانتقل من الفاتحة الى الركوع مثلا ، ولا يخفى ان لازم نسيان الاتيان بالسورة هو عدم الالتفات الى جزئية السورة في الوقت الذي نسى فيه الاتيان بالسورة ، بخلاف نسيان نفس جزئية السورة فانه لا يلازمه لزوم نسيان السورة ايضا ، بل مع الالتفات الى نفس السورة يكون ناسيا لجزئيتها وهو واضح.