.................................................................................................
______________________________________________________
الرابع : ان الاحكام الشرعية : تارة تكون مما ادرك العقل المصلحة الداعية اليها ، كحكم الشارع بحرمة التعدي على الغير في نفسه وماله وعرضه ، وكوجوب حفظ النفوس عن الهلاك ، لانها من مصاديق ما اطبقت آراء العقلاء على قبحه وعلى حسنه ، لوضوح تطابق آراء العقلاء على حسن العدل وقبح الظلم. واخرى لا تكون المصالح والمفاسد في الافعال مما يصل العقل الى ادراكها. ولكن بعد ما ذكرنا في طي المقدمات المتقدمة من لزوم كون الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد في افعال العباد لما يعود الى مصالحهم المترتبة على افعالهم والمفاسد المترتبة على افعالهم ـ يتضح ان العقل لو اطلع على تلك المصالح والمفاسد لرآها مصالح تقتضي الامر ومفاسد تقتضي النهي.
الخامس : ان قاعدة الحسن والقبح العقليين هي ما اشرنا اليها من تطابق آراء العقلاء على حسن العدل وقبح الظلم : أي ان القاعدة التي تطابقت عليها آراء العقلاء هي عنوان حسن العدل وعنوان قبح الظلم.
واما الافعال بالنسبة الى هذه القاعدة وانطباق هذه القاعدة عليها فهي على انحاء :
لانها تارة تكون بحيث لو خلي الفعل وطبعه لكان حسنا ، كالصدق فانه لو خلي وطبعه لكان حسنا ما لم يكن هناك مانع عنه ، كما لو استلزم الصدق قتل مؤمن ـ مثلا ـ فانه يكون قبيحا.
واخرى يكون بحيث لو خلي وطبعه لكان قبيحا ، كضرب اليتيم فانه لو خلي وطبعه لكان قبيحا ما لم يتوقف عليه التأديب له ، ومع توقف تأديبه عليه يكون حسنا لان مصلحة تأديبه اهم من مفسدة إيذائه ، ومثل الكذب فانه لو خلي وطبعه لكان قبيحا ، إلّا انه لو توقف عليه لخلاص نفس المؤمن ـ مثلا ـ فانه يكون حسنا لا قبيحا.
وثالثة : لا يكون للفعل لو خلي وطبعه اقتضاء لان يكون حسنا ولا قبيحا ، كالاكل والشرب ـ مثلا ـ غير المتوقف عليهما حفظ النفس من التلف ، بل كانا بداعي اللذة مثلا.