ولعله بما ذكرناه يجمع بين كلمات الأصحاب ، بان يكون نظر الطائفة الأولى إلى القسم الأول ، ونظر الطائفة الثانية إلى القسم الثاني.
وأما الوضع الخاص والموضوع له العام ، فعن المحقق صاحب الدرر (١) إمكانه ، واستدل له ، بأنه إذا تصور الواضع شخصا وجزئيا خارجيا ، فوضع اللفظ للجامع بينه وبين سائر الأفراد ، فان كان عالما تفصيلا بالقدر المشترك بينه وبين سائر الأفراد ، فلا محالة يكون الوضع عاما كالموضوع له ، ولكن إذا لم يعلم به تفصيلا ، وعلم إجمالاً بوجود الجامع كما إذا رأى جسما من بعيد ولم يعلم انه حيوان أو جماد فوضع اللفظ بإزاء ما هو متحد مع هذا الشخص ، لا يكون الوضع إلّا خاصاً ، إذ الموضوع له العام لم يلاحظ إلّا بالوجه ، وهو الجزئي المتصور لفرض عدم تعقل الجامع.
ويرد عليه : انه قد مرَّ في المقدمة الثانية ، أنه لا يعتبر في صحة الوضع سوى لحاظ الموضوع له ، ولو بعنوان مهمل حاك عنه ، وعليه فكما انه في الفرض الأول يكون تصور الخاص موجبا لتصور العام ، فيكون الوضع كالموضوع له عاما ، كذلك في الفرض الثاني ، يكون تصور الخاص موجبا لتصور عنوان عام مهمل منطبق على الموضوع له ، وهو الكلي المشترك بين الشبح وغيره ، فانه بنفسه من العناوين العامة ، ولحاظ الخاص أوجب لحاظه وتصوره والانتقال إليه ، فلا محالة يكون الوضع عاما.
__________________
(١) درر الفوائد ج ١ ص ٥ في حديثه عن أقسام الوضع إلّا أنه عاد وذكر في ص ٦ أنه على تقدير إمكانه كما مر فهو غير ثابت.