الجانحى ، ولكن دعوى عدم معقولية تأخره عن الشوق فاسدة ، إذ لو أريد تأخر ما يكون متقدما عليه ، فهو واضح البطلان وأما لو أريد به وجود فعل آخر ـ وهو حملة النفس الذي عرفت أن الوجدان يساعد على وجوده ـ فهو لا يكون متقدما كي يلزم منه تأخر ما هو متقدم.
عدم استحالة الترجيح بلا مرجح
تذنيب : لا يخفى أنه بعد ما عرفت من عدم كون الشوق علة للفعل ، فاعلم أنه الداعي والمرجح لوجود الاختيار غالبا ، لان الاختيار في وجوده يحتاج إلى موجد وهو النفس ومرجح وهو الشوق غالبا ، والاحتياج إلى المرجح انما يكون لاجل الخروج عن اللغوية ، والا فيمكن ايجاد الفعل الاختياري بلا مرجح ، لعدم استحالة الترجيح بلا مرجح.
توضيح ذلك : انه لا اشكال ولا كلام في استحالة الترجح بلا مرجح ، بمعنى وجود الشيء بلا موجد ، لان الممكن في وجوده محتاج إلى المؤثر وهو المرجح للوجود. وهذا من البداهة بمكان.
وأما الترجيح بلا مرجح فقد وقع الخلاف في امكانه.
فالتزم اكثر الفلاسفة والحكماء بامتناعه.
وذهب جماعة من المحققين إلى امكانه ، وهو الاقوى عندي.
إذ محصل البرهان الذي ذكر للامتناع أن الترجيح بلا مرجح يرجع إلى الوجود بلا موجد ، وحيث أنه محال فهذا أيضا محال.