كما في قوله تعالى : (وَمَا تَشَاءُونَ إِلّا أَن يَشَاء اللهُ) (١) ، ونسبة مصادر أفعالها من الابدان والاعضاء كنسبة الجوارح إلى القلب الذي هو أمير الجوارح ، كما دل عليه قوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٢) وقوله : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (٣) ، وقوله تعالى : (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى) (٤).
وأما الثاني فقد انكشف لدى البصائر المستنيرة أن الشمس والقمر والغيم والمطر والارض وكل حيوان وجماد مسخرات بأمره تعالى ومقبوضات بقبض قدرته ، كالقلم الذي هو مسخر للكاتب وعلمه وارادته وقدرته وقوته التي في عصبه واصبعه ، كما أن علمه ومشيئته واردتان من خزائن غيب الملكوت ، وكتابة قلم اللاهوت على ترتيب ونظام وتقدم وتأخر من الاعلى فالاعلى إلى الادنى حتى انتهى أثر القدرة من احدى حاشيتي الوجود إلى الاخرى من القلم الاعلى إلى القصب الادنى.
وهذا مما يشاهده من انشرح صدره بنور الله ويسمع بسمعه المنور من يدرك ويفهم تسبيح الجمادات وتقديسها وشهادتها على أنفسها بالعجز والسخرية بلسان ذلق أنطقها الله به الذي أنطق كل شيء بلا حرف وصوت ما لا يسمعه ، الذين هم عن السمع لمعزولون.
__________________
(١) الآية ٣٠ من سورة الإنسان.
(٢) الآية ١٠ من سورة الفتح.
(٣) الآية ١٤ من سورة التوبة.
(٤) الآية ١٧ من سورة الأنفال.