قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) (١) ، فلو كان الله تعالى هو المضل الحقيقي فكيف ذمهم عليه.
وأيضا لو وجبت الاستعاذة منه كما وجبت منهم ، ولاستحق المذمة كما استحقوا ، ولوجب أن يتخذوه عدوا كما وجب اتخاذ ابليس عدوا.
الخامس انه عزوجل في كثير من الآيات نسب الضلال إلى العصاة ، كما في قوله تعالى : (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (٢) ، وقوله سبحانه : (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ) (٣).
فلو كان المراد بالضلال هو ما هم فيه لزم منه تحصيل الحاصل وهو محال :
وأيضا فأمثال هذه الآيات صريحة في أنه يفعل بهلم الاضلال بعد فسقهم ، فيكون مغايرا له.
السادس انه تعالى يذكر هذا الضلال جزاءً لهم على سوء فعلهم وعقوبة عليه ، فلو كان المراد ما هم عليه لكان ذلك تهديدا لهم بشيء هم عليه مقبلون وبه متلذذون.
ولذلك كله ذهب العدلية إلى أنه يجب المصير إلى وجوه أخرى من التأويل :
الأول ـ أن يحمل الاضلال على الاضلال عن الجنة.
الثاني ـ أن يحمل الاضلال على الهلاك والابطال ، كقوله تعالى : (الَّذِينَ
__________________
(١) الآية ٧٩ من سورة طه.
(٢) الآية ٢٦ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٣٤ من سورة غافر.