علم متحيث بحيثية خاصة ، ولا يبحث في العلم عن جميع أحواله ، مثلا ، موضوع علم الفقه ليس هو فعل المكلف من حيث هو ولا يبحث فيه عن جميع ما يعرض له ككونه مخلوقا لله تعالى أو الناس مثلا أو غير ذلك ، بل يبحث فيه عن فعل المكلف من حيث الاقتضاء والتخيير ، وكذا ، موضوع علم النحو ليس هو الكلمة والكلام بما هما ، بل من حيث الإعراب والبناء ، وكذا سائر العلوم. والحيثيات المذكورة ليست عبارة عن الحيثيات اللاحقة لموضوعات المسائل أي الحيثيات الفعلية ككون الكلمة معربة أو مبنية ، لان اخذ مبدأ المحمول في الموضوع مستلزم لعروض الشيء لنفسه ، بل المراد الحيثيات السابقة ، أي الحيثيات الاستعدادية ، ككون الكلمة مثلا مستعدة لعروض الإعراب أو البناء عليها ، فهذه الحيثيات المتقدمة عناوين منتزعه من موضوعات المسائل ، فالكلمة من حيث الفاعلية مستعدة لعروض الرفع عليها ، وفعل المكلف من حيث انه الصلاة مستعدة لعروض الوجوب عليه ، وهكذا وحيث أن الأمر الانتزاعي لا وجود له ، ولا تحمل عليه المحمولات ، وإنما هي تحمل على مناشئ انتزاعه ، فليس موضوع العلم كليا متخصصا في مراتب تنزله بخصوصيات تكون واسطة في عروض اللواحق له ، بل هي تحمل على المعنونات بلا توسط شيء في اللحوق والصدق.
وفيه : انه إن كان مراده أن الموضوع هو الأمر الانتزاعي بما انه مشير إلى موضوعات المسائل ومرآة إليها ومعرِّف لها ولا نظر إليه أصلاً ، فهو في الحقيقة إنكار لوجود الموضوع.
وان كان مراده أخذ الأمر الانتزاعي بما هو موضوعا ، فلا ريب في أنَ