وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ...) بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته ـ سبحانه ـ ورحمته بعباده.
والجنات : جمع جنة ، والمراد بها البستان ذو الشجر المتكاثف ، الملتف الأغصان الذي يظلل ما تحته ويستره.
والأعناب : جمع عنب وهو شجر الكرم.
والمراد بالزرع : أنواع الحبوب على اختلاف ألوانها وطعومها وصفاتها وقوله (صِنْوانٌ) صفة لنخيل ، وهو جمع صنو.
والصنو : الفرع الذي يجمعه مع غيره أصل واحد ، فإذا خرجت نخلتان أو أكثر من أصل واحد ، فكل واحدة منهن يطلق عليها اسم صنو.
ويطلق على الاثنتين صنوان ـ بكسر النون ـ ويطلق على الجمع صنوان ـ بضم النون ـ.
والصنو : بمعنى المثل ومنه قيل لعم الرجل : صنو أبيه ، أى : مثله ، فأطلق على كل غصن صنو لمماثلته للآخر في التفرع من أصل واحد «والأكل» اسم لما يؤكل من الثمار والحب.
والمعنى : أن من مظاهر قدرة الله ـ أيضا ـ ومن الأدلة على وحدانيته ـ سبحانه ـ أنه جعل في الأرض بقاعا كثيرة متجاورة ومع ذلك فهي مختلفة في أوصافها وفي طبيعتها ... وفيها أيضا بساتين كثيرة من أعناب ومن كل نوع من أنواع الحبوب.
وفيها كذلك نخيل يجمعها أصل واحد فهي صنوان ، ونخيل أخرى لا يجمعها أصل واحد فهي غير صنوان.
والكل من الأعناب والزرع والنخيل وغيرها (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) لا اختلاف في ذاته سواء أكان السقي من ماء الأمطار أم من ماء الأنهار ومع وجود أسباب التشابه ، فإننا لعظيم قدرتنا وإحساننا (نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ) آخر منها (فِي الْأُكُلِ) أى : في اختلاف الطعوم.
قال الإمام الرازي : «قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ) كلها بالرفع عطفا على قوله (وَجَنَّاتٌ) وقرأ الباقون بالجر عطفا على الأعناب ...» (١).
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ١٩ ص ٧٠ طبعة عبد الرحمن محمد.