تخبرونه بما لا يعلم له وجودا في السموات ولا في الأرض؟!!
فالمقصود بهذه الجملة الكريمة التهكم بهم ، والسخرية بعقولهم وأفكارهم ، ونفى أن تكون الأوثان شفعاء عند الله بأبلغ وجه.
والعائد في قوله (بِما لا يَعْلَمُ) محذوف. والتقدير بما لا يعلمه.
وقوله (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) حال من العائد المحذوف ، وهو مؤكد للنفي ، لأن مالا يوجد فيهما فهو منتف عادة.
قال صاحب الكشاف : «فإن قلت كيف : أنبأوا الله بذلك؟ قلت : هو تهكم بهم ، وبما ادعوه من المحال الذي هو شفاعة الأصنام ، وإعلام بأن الذي أنبأوا به باطل. فكأنهم يخبرونه بشيء لا يتعلق علمه به ، كما يخبر الرجل بما لا يعلمه.
وقوله (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) تأكيد لنفيه ، لأن ما لم يوجد فيهما فهو منتف معدوم» (١).
وقوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى) عن كل شريك ، وعما قاله هؤلاء الجاهلون من أن الأصنام شفعاء عنده.
وبذلك تكون الآية الكريمة قد وبخت المشركين على عبادتهم لغير الله وعلى جهالاتهم وتقولهم على الله بغير علم.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن عبادة الناس لغيره ـ تعالى ـ إنما حدثت بعد أن اختلفوا واتبعوا الهوى. فقال :
(وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)(١٩)
والمراد بالناس : الجنس البشرى كله في جملته ، فإنهم كانوا أمة واحدة. ثم كثروا وتفرقوا وصاروا شعوبا وقبائل.
__________________
(١) راجع تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٣١.