والحسرة في القلوب ، كما ترى المقدم للصلب يثخنه ما دهمه من فظاعة الخطب ويغلب ، حتى لا ينبس بكلمة ويبقى جامدا مبهوتا.
وقيل : أسر رؤساؤهم الندامة من سفلتهم الذين أضلوهم ، حياء منهم وخوفا من توبيخهم ..
وقيل أسروا الندامة : أظهروها من قولهم أسر الشيء إذا أظهره وليس هناك تجلد» (١).
وقوله : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بيان لعدالة الله في أحكامه بين عباده.
أى : وقضى الله ـ تعالى ـ بين هؤلاء الظالمين وبين غيرهم بالعدل دون أن يظلم أحدا.
ثم ساق ـ سبحانه ـ بعد ذلك ما يدل على كمال قدرته ، وسعة رحمته ، وعلى أنه وحده الذي يملك التحليل والتحريم ، ويعلم السر وأخفى فقال ـ تعالى ـ :
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٥) هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥٦) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨) قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠) وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٤١.