الشركاء للزلفى ، كما حكى القرآن عنهم في قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ ..) وفي قوله ـ سبحانه ـ حكاية عنهم (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ..).
ولفظ الجلالة مبتدأ ، والخبر محذوف والتقدير : فسيقولون الله وحده هو الذي فعل كل ذلك.
وقوله : (فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) أمر من الله ـ تعالى ـ لرسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يرد عليهم بهذا الرد.
والهمزة لإنكار واقعهم الذميم ، وهي داخلة على كلام مقدر ، ومفعول تتقون محذوف.
أى : أتعلمون وتعترفون بأن الله ـ تعالى ـ هو الخالق لكل ما سبق ، ومع ذلك تشركون معه آلهة في العبادة ، دون أن تتقوا عذابه يوم القيامة؟.
إن مسلكك هذا إنما يدل على ضعف في التفكير ، وانطماس في العقول ، وجهالة ليس بعدها جهالة.
ثم أرشدهم ـ سبحانه ـ إلى الطريق القويم لو كانوا يعقلون فقال : (فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ...).
أى : فذلكم الذي فعل ما فعل من رزقكم ومن تدبير أمركم ، هو الله المربى لكم بنعمه ، وهو الذي لا تحق العبودية والألوهية إلا له وحده.
إذا كان الأمر كذلك (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) أى لا يوجد غير الحق شيء يتبع سوى الضلال ، فمن ترك الحق وهو عبادة الله وحده ، فقد وقع في الباطل والضلال وهو عبادة غيره من الآلهة الأخرى.
قال القرطبي : «ثبت عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل قال : «اللهم لك الحمد» الحديث ، وفيه : أنت الحق ، ووعدك الحق ، وقولك الحق ، ولقاؤك الحق ، والجنة حق والنار حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق ...».
فقوله : أنت الحق ، أى الواجب الوجود ، وأصله من حق الشيء إذا ثبت ووجب ـ وهذا الوصف لله ـ تعالى ـ بالحقيقة ، إذ وجوده بنفسه لم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم ، وما عداه مما يقال عليه هذا الاسم مسبوق بعدم ، ويجوز عليه لحاق العدم ، ووجوده من موجده لا من نفسه.
ومقابلة الحق بالضلال عرف لغة وشرعا كما في هذه الآية .. والضلال حقيقته الذهاب عن