وبعد أن بين ـ سبحانه ـ حال السعداء والأشقياء يوم القيامة ، أتبع ذلك بضرب مثل لهما زيادة في التوضيح والتقرير فقال ـ تعالى ـ :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)(٢٧)
والخطاب في قوله (أَلَمْ تَرَ ...) للرسول صلىاللهعليهوسلم أو لكل من يصلح للخطاب ، والاستفهام للتقرير ، والرؤية مستعملة في العلم الناشئ عن التأمل والتفكر في ملكوت السموات والأرض.
قال الآلوسى ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ ...) هذا التعبير قد يذكر لمن تقدم علمه فيكون للتعجب ، وقد يذكر لمن ليس كذلك ، فيكون لتعريفه وتعجيبه ، وقد اشتهر في ذلك حتى أجرى مجرى المثل في ذلك ، بأن شبه من لم ير الشيء بحال من رآه في أنه لا ينبغي أن يخفى عليه ، ثم أجرى الكلام معه كما يجرى مع من رأى ، قصدا إلى المبالغة في شهرته وعراقته في التعجب» (١).
والمثل : يطلق على القول السائر المعروف للماثلة مضربه لمورده.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ١٦٠.