وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة ، قد مدحت أولياء الله الصالحين ، وبشرتهم بالسعادة الدنيوية والأخروية ، وأقامت الأدلة على قدرة الله النافذة ورحمته الواسعة ، وردت على افتراءات المشركين بما يبطل أقوالهم ، ويفضح مزاعمهم.
وبعد أن ساقت السورة الكريمة ما ساقت من الأدلة على وحدانية الله وعلى صدق رسوله صلىاللهعليهوسلم وعلى حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة المكذبين .. بعد كل ذلك تحدثت عن بعض قصص الأنبياء مع أقوامهم ، فبدأت بجانب من قصة نوح ـ عليهالسلام ـ مع قومه ، وكيف أن الله ـ تعالى ـ أغرقهم بعد أن تمادوا في ضلالهم ، فقال ـ سبحانه ـ :
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ(٧١) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ)(٧٣)
قال الإمام الرازي : «اعلم أنه ـ سبحانه ـ لما بالغ في تقرير الدلائل والبينات وفي الجواب عن الشبه والسؤالات ، شرع بعد ذلك في بيان بعض قصص الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ لوجوه :
أحدها : أن الكلام إذا طال في تقرير نوع من أنواع العلوم ، فربما حصل نوع من أنواع الملالة ، فإذا انتقل الإنسان من ذلك الفن من العلم إلى فن آخر ، انشرح صدره. ووجد في نفسه رغبة جديدة.
وثانيها : ليكون للرسول صلىاللهعليهوسلم ولأصحابه ، أسوة بمن سلف من الأنبياء ، فإن