رَبِّكُمْ ، وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ ، وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).
والموعظة معناها : التذكير بالتزام الحق والخير ، واجتناب الباطل والشر ، بأسلوب يلين القلوب ، ويرقق النفوس.
والشفاء : هو الدواء الشافي من كل ما يؤذى ، ويجمع على أشفيه.
والهدى : هو الإرشاد والدلالة بلطف إلى ما يوصل إلى المقصد والبغية ، والرحمة معناها الإحسان ، أو إرادة الإحسان.
والمعنى : يا أيها الناس قد جاءكم من الله ـ تعالى ـ كتاب جامع لكل ما تحتاجون اليه من موعظة حسنة ترق لها القلوب ، وتخشع لها النفوس. وتصلح بها الأخلاق ومن شفاء لأمراض صدوركم. ومن هداية لكم إلى طريق الحق والخير ، ومن رحمة للمؤمنين ترفعهم الى أعلى الدرجات وتكفر ما حدث منهم من سيئات.
وجاء هذا الإرشاد والتوجيه عن طريق النداء ، استمالة لهم إلى الحق بألطف أسلوب ، وأكمل بيان ، حتى يثوبوا إلى رشدهم ، ويتنبهوا من غفلتهم.
ووصفت الموعظة بأنها من ربكم. لتذكيرهم بما يزيدها تعظيما وقبولا ، لأنها لم تصدر عن مخلوق تحتمل توجيهاته الخطأ والصواب ، وإنما هي صادرة من خالق النفوس ومربيها ، العليم بما يصلحها ويشفيها.
وقيد الرحمة بأنها للمؤمنين ، لأنهم هم المستحقون لها ، بسبب إيمانهم وتقواهم.
قال الآلوسى ما ملخصه : «واستدل بالآية على أن القرآن يشفى من الأمراض البدنية كما يشفى من الأمراض القلبية ، فقد أخرج ابن مردويه عن أبى سعيد الخدري قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال إنى اشتكى صدري ، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «اقرأ القرآن ، يقول الله ـ تعالى ـ شفاء لما في الصدور».
وأخرج البيهقي في الشعب عن وائلة بن الأسفع أن رجلا شكا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وجع حلقه ، فقال له : «عليك بقراءة القرآن».
وأنت تعلم أن الاستدلال بهذه الآية على ذلك مما لا يكاد يسلم ، والخبر الثاني لا يدل عليه ، إذ ليس فيه أكثر من أمره صلىاللهعليهوسلم الشاكي بقراءة القرآن إرشادا له إلى ما ينفعه ويزول به وجعه.
ونحن لا ننكر أن لقراءة القرآن بركة ، قد يذهب الله بسببها الأمراض والأوجاع ، وإنما ننكر الاستدلال بالآية على ذلك.