وقد جاءت آيات تدل على أنه ـ سبحانه ـ خلق الأرض في يومين ، وخلق السموات في يومين وخلق ما بينهما في يومين ، وهذه الآيات هي قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ، ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها ، وَبارَكَ فِيها ، وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ، قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ ، وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها ...) (١).
وجملة (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) اعتراضية بين قوله (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وبين (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ويجوز أن تكون حالية من فاعل خلق وهو الله ـ تعالى ـ وعرش الله ـ تعالى ـ من الألفاظ التي لا يعلمها البشر إلا بالاسم. وقد جاء ذكر العرش في القرآن الكريم إحدى وعشرين مرة.
ونحن مكلفون بأن نؤمن بأن له ـ سبحانه ـ عرشا ، أما كيفيته فنفوض علمها إليه ـ تعالى ـ.
والمعنى : أن الله ـ تعالى ـ خلق السموات والأرض في ستة أيام ، وكان عرشه قبل خلقهما ليس تحته شيء سوى الماء.
قالوا : وفي ذلك دليل على أن العرش والماء كانا موجودين قبل وجود السموات والأرض.
قال القرطبي : قوله : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) بين ـ سبحانه ـ أن خلق العرش والماء ، كان قبل خلق الأرض والسماء ...
ثم قال : وروى البخاري عن عمران بين حصين قال كنت عند النبي صلىاللهعليهوسلم إذ جاءه قوم من بنى تميم فقال : «اقبلوا البشرى يا بنى تميم» قالوا : بشرتنا فأعطنا. فدخل ناس من أهل اليمن فقالوا : جئنا لنتفقه في الدين ، ولنسألك عن هذا الدين ونسألك عن أول هذا الأمر.
قال : «إن الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء. ثم خلق السموات والأرض ، وكتب في الذكر كل شيء» (٢).
وقال ابن كثير بعد أن ذكر هذا الحديث وغيره : وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق
__________________
(١) سورة فصلت الآيات من ٩ ـ ١٢.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٢ ص ٨.