وأمّا بيعتي عليّا فو الله! ما وجدت من ذلك بدّا ، حيث بايعه المهاجرون والأنصار وخشيت القتل .. ، وأمّا إخراج أمّنا عائشة فأردنا أمرا وأراد الله غيره .. ، وأمّا صلاتي خلف ابني فإنّما قدّمته عائشة أمّ المؤمنين ، ولم يكن دون صاحبي أمر .. ، وأمّا رجوعي عن الحرب فظنّ بي ما شئت غير الجبن ..
ولم يقتنع ابن جرموز بهذه الأجوبة الواهية ، فصمّم على قتله ، وأخذ يدبّر الحيلة في اغتياله ، فأعرب له عن شفقته وحرصه عليه قائلا :
يا أبا عبد الله ، إنّ دون أهلك مسافة فخذ نجيبي هذا وخلّ فرسك ودرعك فإنّهما شاهدتان عليك بما نكره ...
انظر في ذلك ..
ولم يلتفت إلى مكره ، وأخذ يلحّ عليه ، فاستجاب له وأعطاه فرسه ودرعه وبقي حاسرا ليس معه سلاح يدافع به عن نفسه ، وسارع ابن جرموز إلى الأحنف بن قيس فأخبره بما صمّم عليه من قتل الزبير فأقرّه على ذلك ، وقال له :
اقتله ، قتله الله مخادعا ...
ورأى رجل الزبير ، وهو عار عن السلاح ، وعرف ما دار بينه وبين ابن جرموز ، فقال له ناصحا :
يا أبا عبد الله ، أنت لي صهر ، وابن جرموز لم يعتزل هذه الحرب مخافة لله ، ولكنّه كره أن يخالف الأحنف ... وقد ندم الأحنف في خذلانه لعليّ ، وقد أراد أن يتقرّب بك إليه ، فأخذ درعك وفرسك ، وهذا تصديق ما قلت : فبت عندي الليلة ، ثمّ اخرج بعد نومه فإنّك إن فتهم لم يطلبوك ...
وتهاون الزبير عن نصيحة الرجل ، وطلب أن يرشده إلى أمر آخر فقال له :
ما نرى يا أخا بني كلب؟