خطب الإمام عليهالسلام بذي قار خطابا بالغ الأهمّية عرض فيه الأحداث الرهيبة التي واجهها بعد وفاة أخيه وابن عمّه الرسول صلىاللهعليهوآله ، فقد جاء فيها بعد البسملة والثناء على الله تعالى :
« الحمد لله على كلّ أمر وحال ، في الغدوّ والآصال.
وأشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، ابتعثه رحمة للعباد ، وحياة للبلاد ، حين امتلأت الأرض فتنة واضطرب حبلها وعبد الشّيطان في أكنافها ، واشتمل عدوّ الله إبليس على عقائد أهلها ، فكان محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب الّذي أطفأ الله به نيرانها ، وأحمد به شرارها ، ونزع به أوتادها ، وأقام به ميلها ، إمام الهدى ، والنّبيّ المصطفى صلىاللهعليهوآله ، فلقد صدع بما امر به وبلّغ رسالات ربّه ، فأصلح الله به ذات البين ، وأمّن به السّبل ، وحقن به الدّماء ، وألّف به بين ذوي الضّغائن الواغرة في الصّدور حتّى أتاه اليقين ، ثمّ قبضه الله إليه حميدا.
ثمّ استخلف النّاس أبا بكر فلم يأل جهده.
ثمّ استخلف أبو بكر عمر فلم يأل جهده.
ثمّ استخلف النّاس عثمان بن عفّان ، فنال منكم ونلتم منه ، حتّى إذا كان من أمره ما كان أتيتموني لتبايعوني ، فقلت : لا حاجة لي في ذلك ودخلت منزلي فاستخرجتموني ، فقبضت يدي فبسطتموها ، وتداككتم عليّ حتّى ظننت أنّكم قاتليّ ، أو أنّ بعضكم قاتل بعض ، فبايعتموني وأنا غير مسرور بذلك ، ولا جذل ، وقد علم الله سبحانه أنّي كنت كارها للحكومة بين أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، ولقد سمعته يقول : « ما من وال يلي شيئا من أمر أمّتي إلاّ أتي به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه على رءوس الخلائق ، ثمّ ينشر كتابه ، فإن كان عادلا نجا ، وإن كان جائرا هوى » ،