والشيء المؤكّد الذي اتّفق عليه المؤرّخون والرواة هو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد عهد إلى وصيّه وباب مدينة علمه بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (١) ، أمّا الناكثون فهم الذين قاموا بحرب الجمل ، ومهّدوا الطريق إلى معاوية وحزبه لحرب الإمام ، وهم الذين سمّاهم النبيّ بالقاسطين ، وأمّا المارقون فهم الخوارج الذين مرقوا عن الإسلام وحاربوا الإمام ، وقد أجمع فقهاء المسلمين على تأثيمهم وتجريحهم وخروجهم عن الطريق القويم ، فقد اثر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله غير مرّة قوله : « من حمل علينا السّلاح فليس منّا » ، وقوله : « لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض » ، لقد واكبوا أهواءهم ، واستجابوا لأطماعهم ، وفيما يلي عرض لاولى تلك الحروب.
حرب الجمل
أمّا الذين قاموا بهذه الحرب فقد نكثوا بيعة الإمام وخاسوا ما عاهدوا عليه الله تعالى من الطاعة للإمام ، ومتابعة أمره ، وقد عناهم الإمام بقوله :
« من نكث بيعته لقي الله أجذم ليس له يد » (٢).
وعلى أي حال فإنّ الذين أشعلوا هذه الحرب قد أثاروا الفتنة بين المسلمين ،
__________________
(١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٣٩. تاريخ بغداد ٨ : ٣٤٠. اسد الغابة ٤ : ٣٣. كنز العمّال ٦ : ٨٢.
مجمع الزوائد ٩ : ٢٣٥.
(٢) النجوم الزاهرة ٢ : ٣٠٢.