« والله! لوددت أنّ لي بكلّ ثمانية منكم رجلا منهم ، ويحكم! اخرجوا معي ثمّ فرّوا عنّي ما بدا لكم!! فو الله! ما أكره لقاء ربّي على نيّتي وبصيرتي ، وفي ذلك روح لي عظيم ، وفرج من مناجاتكم ومقاساتكم » (١).
وسار الإمام نحو الغريّين لصدّ هذا الاعتداء الغادر فلم يلتحق به أحد وسارع ابن أخيه عبد الله بن جعفر فالتحق به ، ولمّا رأى الناس ذلك خفّ للمسيرة معه بعض الجيش ، فسرح بهم الإمام لطلب الضحّاك ومناجزته ، وجعل قيادتهم بيد حجر بن عدي ، وسار في طلب الضحّاك فلم يدركه.
وأخذت غارات معاوية تتوالى على العراق من دون أن تتعرّض لأيّة مقاومة ، وقد أيقن معاوية بالنصر الحاسم ، والظفر باسقاط حكومة الإمام ، وكان باستطاعته احتلال الكوفة ، التي هي عاصمة الإمام لأنّه لم تكن عنده قوّة عسكرية على حمايتها ، وذلك لانحلال جيشه ، وشيوع الفتن بين كتائبه.
وعلى أي حال فقد انتهت غارات معاوية إلى قرب الكوفة العاصمة وهي تنشر الذعر والخوف والارهاب ، والإمام ليس له أيّة قدرة على حماية الأمن العام لأنّ جيشه قد خلع الطاعة ، وأعلن العصيان والتمرّد ، ولم يعد للإمام أي نفوذ أو سلطان عليه.
ومن بين المحن الكبرى التي امتحن بها الإمام امتحانا عسيرا هي فتنة الخوارج ، فإنّ الإمام لم يقض عليهم في النهروان ، وإنّما قضى على عصابة منهم ،
__________________
(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ٢ : ٥٣٧.