فردّت عليه بعنف واستهانة بالإمام قائلة :
رحم الله أمير المؤمنين ذاك عمر بن الخطّاب ..
ولم تعترف عائشة بإمامة عثمان ، وحصرتها بعمر ، فردّ عليها ابن عبّاس :
نعم هذا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ..
أبيت ، أبيت ..
لقد أصرّت على جحدها لإمامة الإمام ، ولذع كلامها ابن عبّاس فقال لها :
ما كان آباؤك إلاّ فواق ناقة بكيئة (١) ثمّ حرّمت ما تحلّين ، ولا تأمرين ولا تنهين .. فالتاعت من كلامه ، وأرسلت ما في عينيها من دموع ، وقالت :
نعم ، ارجع ، فإنّ أبغض البلدان إليّ بلد أنتم فيه ..
فثار ابن عبّاس ، وردّ عليها ببالغ الحجّة قائلا :
أما والله! ما كان ذلك جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين امّا ، وجعلنا أباك لهم صدّيقا ..
فأجابته بمنطق هزيل قائلة :
أتمنّ عليّ برسول الله؟
نعم ، إنّه يمنّ عليها برسول الله صلىاللهعليهوآله فلولاه لم تكن هي وغيرها أيّة قيمة لهم في الوجود ، وسارع ابن عبّاس في ردّها قائلا :
نمنّ عليك بمن لو كان منك بمنزلته منّا لمننت به علينا.
وتركها ابن عبّاس ، وهي تتميّز غيظا ، وقفل راجعا إلى الإمام فأخبره بحديثه
__________________
(١) الفواق : الناقة التي تحلب ثمّ تترك ليرضعها الفصيل حتى تدرّ فتحلب. البكيئة : الناقة التي قلّ لبنها.