احتج المخالف بوجوه :
الأوّل : قد كرهت الصلاة في الأماكن المخصوصة ، والأوقات المخصوصة ، وكما يتضادّ الوجوب والتحريم ، كذا يتضادّ الوجوب والكراهة.
الثاني : لو لم تصحّ الصّلاة في الدار المغصوبة ، لما سقط التكليف ، والتالي باطل بالإجماع فإنّ أحدا من العلماء لم يأمر الظلمة بقضاء صلواتهم في الأماكن المغصوبة ، فالمقدّم مثله.
والشرطيّة ظاهرة ، فإنّ الباطل غير مسقط للفرض.
الثالث : لو لم تصحّ الصّلاة ، لكان البطلان لاتّحاد متعلّق الأمر والنهي ، إذ لا مانع سواه إجماعا ، ولا اتّحاد ، فإنّ الأمر بالصّلاة ، والنّهي عن الغصب ، واختيار المكلّف جمعهما لا يخرجهما عن حقيقتهما ، وهو التّغاير وعدم التلازم.
والجواب عن الأوّل : أنّ متعلّق الأحكام إن اتّحد ، منعنا التكليف بمثل هذه الصورة ، وإن تغاير لم يفد ، لرجوع النهي إلى وصف منفكّ ، مثل التعرّض لنفار الإبل في الصّلاة في المعاطن ، (١) ولسيل الوادي في الصلاة في الوادي ، وللتعرّض للرّشاش في الحمام ، وغير ذلك من النظائر.
وعن الثاني : بمنع الإجماع على سقوط القضاء ، فإنّ الإماميّة أجمع ، أوجبوا قضاءها ، وهو مذهب أحمد بن حنبل ، وجماعة من الفقهاء ، ولو كان ذلك إجماعا ، لما خفي عنهم.
__________________
(١) العطن : مبرك الإبل ومربض الغنم عند الماء. المعجم الوسيط.