وقال آخرون : يجوز تأخير بيان الأمر دون الخبر.
وقال الجبائيّان والقاضي عبد الجبّار : يجوز تأخير بيان النسخ دون غيره. (١)
وقال أبو الحسين البصري (٢) : يجوز تأخير بيان ما ليس له ظاهر كالمجمل ، وأمّا ما له ظاهر وقد استعمل في غير ظاهره ، كالعامّ والمطلق والمنسوخ ، فيجوز تأخير بيانه التفصيلي ، ولا يجوز تأخير البيان الإجمالي ، بأن يقول وقت الخطاب : هذا العامّ مخصوص ، وهذا المطلق مقيّد ، وهذا الحكم سينسخ وإن لم يبيّن بأيّ شيء ولا وقته.
وهو الحقّ ، فهاهنا ثلاث دعاو.
الأوّل : المنع من تأخير بيان ما له ظاهر قد استعمل في خلافه.
الثاني : الاكتفاء بالبيان الإجمالي.
الثالث : جواز تأخير بيان ما لا ظاهر له.
أمّا الدعوى الأولى : فلأنّ العموم خطاب لنا في الحال إجماعا ، فإن لم يقصد الإفهام لم يكن مخاطبا ، إذ مفهوم أنّه «مخاطب» توجّه الخطاب نحونا ، ومعناه قصد إفهامنا.
ولانّه لو لم يقصد الإفهام في الحال ، مع أنّ ظاهره يقتضي كونه خطابا لنا في الحال ، كان إغراء لنا ، بأن نعتقد انّه قصد إفهامنا في الحال ، فيكون قد قصد أن
__________________
(١) نقله أبو الحسين المعتزلي في المعتمد : ١ / ٣١٥ ، والآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٢.
(٢) المعتمد : ١ / ٣١٦.