الثالث : فقهاء الأمصار في هذه الأعصار يخصّصون أعمّ الخبرين بأخصّهما ، مع فقد علمهم بالتاريخ.
لا يقال : إنّ ابن عمر لم يخصّ قوله تعالى : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ)(١) بقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تحرّم الرّضعة ولا الرّضعتان. (٢)
وعنه [أيضا] أنّه لمّا سئل عن نكاح النصرانيّة حرّمه ، لقوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ)(٣) وجعل هذا العامّ رافعا لقوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)(٤) مع خصوصه.
لأنّا نقول : إنّما ادّعينا إجماع أهل هذه الأعصار ، مع أنّه يحتمل أن يكون ابن عمر امتنع من ذلك لدليل ، أو لأنّه لا يرى تخصيص الكتاب بخبر الواحد.
وقوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) جاز أن يكون متأخّرا فيرفع حكم المتقدّم وإن كان عامّا ، لأنّه ربما كان يعتقد ذلك.
الرابع : إذا جهل التاريخ ، وجب حملها على الاقتران ، كالغريقين إذا جهل التقدّم والاقتران ، فإنّ أمرهما يحمل على الاقتران.
ويضعّف بأنّ الأمّة لم تجمع على ذلك ، بل جماعة من الصحابة ورّث كلّ واحد منهما من الآخر ، ومنهم من لم يورّث أحدهما من الآخر.
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) لاحظ سنن البيهقي : ٧ / ٤٥٨.
(٣) البقرة : ٢٢١.
(٤) المائدة : ٥.