حمامة بطن الواديين ترنمي |
|
سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها |
أبيني لنا لا زال ريشك (١) ناعما |
|
ولا زلت في خضراء وغضّ نضيرها (٢) |
وأشرف بالقوز اليفاع (٣) لعلني |
|
أرى نار ليلى أو يراني بصيرها |
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت |
|
فقد رابني منها الغداة سفورها |
يقول رجال لا يضيرك (٤) نأيها |
|
بلى كل ما شف النفوس يضيرها |
بلى قد يضير العين أن تكثر البكا |
|
ويمنع منها نومها وسرورها |
وقد زعمت ليلى بأني فاجر |
|
لنفسي تقاها أو عليها فجورها |
فقال لها الحجّاج : يا ليلى ما الذي رابه من سفورك؟ قالت : أيها الأمير كان يلم بي كثيرا ، فأرسل إلي يوما : إني آتيك ، ففطن الحي ، فأرصدوا له ، فلما أتاني سفرت فعلم أن ذلك لشرّ ، فلم يزد على التسليم والرجوع ، فقال : لله درك فهل رأيت منه شيئا تكرهينه؟ قالت : لا والله الذي أسأله أن يصلحك ، غير أنه قال لي مرة قولا ظننت أنه قد خضع لبعض الأمر ، فأنشأت أقول :
وذي حاجة قلنا له لا تبح بها |
|
فليس إليها ما حييت سبيل |
لنا صاحب لا نبتغي أن نخونه |
|
وأنت لأخرى صاحب وخليل |
فلا والذي أسأله أن يصلحك ما رأيت منه شيئا حتى فرّق الموت بيني وبينه. قال : ثم مه قالت : ثم لم يلبث أن خرج في غزاة له فأوصى ابن عمه : إذا أتيت الحاضر من بني عبادة فناد بأعلى صوتك :
عفا الله عنها هل أبيتنّ ليلة |
|
من الدّهر لا يسري إليّ خيالها |
فخرجت (٥) وأنا أقول :
وعنه عفا ربّي وأحسن حاله |
|
فعزّ علينا حاجة لا ينالها |
قال : ثم مه ، قال : ثم لم يلبث أن مات ، فأتى نعيّه قال : فأنشدينا بعض مراثيك فيه ، فأنشدته :
__________________
(١) بالأصل و «ز» : عيشك ، والمثبت عن الأغاني والجليس الصالح.
(٢) في الأغاني : دان بريرها.
(٣) بالأصل : «بالعون اليقاع» وفي «ز» : «بالفوز اليفاع» والمثبت عن الجليس الصالح. والقوز : الكثيب من الرمل.
(٤) بالأصل و «ز» : يضرك ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الجليس الصالح : فخرج.