لتبك العذارى من خفاجة نسوة |
|
بماء شئون العبرة المتحدر |
قال لها : فأنشدينا :
كأنّ فتى الفتيان توبة لم ينخ |
|
قلائص يفحصن الحصا بالكراكر (١) |
فأنشدته ، فلما فرغت من القصيدة قال : محصن الفقعسي وكان من جلساء الحجاج من هذا الذي تقول هذه هذا فيه ، فو الله إنّي لأظنها كاذبة ، فنظرت إليه ، ثم قالت : والله أيهذا الأمير ، إن هذا القائل لو رأى توبة لسرّه ألّا يكون في داره عذراء إلّا هي حامل منه ، فقال له الحجاج : هذا وأبيك الجواب ، وقد كنت عنه غنيا ، ثم قال لها : سلي يا ليلى تعطي. قالت : أعط فمثلك أعطى وأحسن ، قال : لك عشرون. قالت : زد ، فأكثر [فمثلك زاد فأكثر](٢) ، قال : لك أربعون ، قالت : زد ، فمثلك زاد فأفضل ، قال : ستون ، قالت : زد فمثلك زاد فأكمل ، قال : لك ثمانون ، قالت : زد فمثلك زاد فتمم قال : لك مائة ، واعلمي يا ليلى أنها غنم ، قالت : معاذ الله أيها الأمير ، أنت أجود جودا ، وأمجد مجدا ، وأورى زندا من أن تجعلها أعنزا (٣) ، قال : فما هي ويحك يا ليلى؟ قالت : مائة ناقة برعاتها ، فأمر لها بها ، ثم قال : ألك حاجة بعدها؟ قالت : تدفع إلى النابغة الجعدي في قيد. قال : قد فعلت ، وقد كانت تهجوه ويهجوها فبلغ النابغة ذلك فخرج هاربا عائذا بعبد الملك بن مروان ، فاتبعته إلى الشام ، فهرب إلى قتيبة بن مسلم (٤) بخراسان ، فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة ، فماتت بقومس (٥) ، ويقال : بحلوان (٦).
قال القاضي أبو الفرج (٧) : قول ليلى الأخيليّة : وأصابتنا سنون مجحفة مبلطة. المجحفة التي قد جهدتهم وأصارتهم إلى اختلال أحوالهم ، والنقص البين في وفرهم وأموالهم قال الشاعر :
__________________
(١) الكراكر جمع كركرة ، وهي رحى زور البعير أو صدره.
(٢) الزيادة عن «ز».
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الجليس الصالح : غنما.
(٤) كان قتيبة بن مسلم الباهلي عامل الحجاج على الري ثم على خراسان.
(٥) قومس : كورة واسعة في ذيل جبال طبرستان ، وقصبتها دامغان (انظر معجم البلدان).
(٦) حلوان : بلدة في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد (معجم البلدان).
(٧) الجليس الصالح الكافي ١ / ٣٤٠ وما بعدها.