قال شيخنا : والذي يؤدي إليه النظر أن السُوَر السبعَ التي في أوائلها حم سُوَرٌ لها شأن فنبّه النبي عليهالسلام على أنّ ذكْرها لشَرف مَنزلتها وفخامةِ شأنها عند الله مما يُستَظهر به على استِنزال رحمةِ الله في نُصْرة المسلمين وفَلِّ شَوكة الكفّار. وقوله (لا يُنْصَرُونَ) كلام مستأنَف ، كأنه حين قال : «قولوا : حِمْ» قال له قائل : ماذا يكون إذا قِيلت هذه الكلمة؟ فقال : (لا يُنْصَرُونَ).
حمي : (حَماه حِمايةً) منَعه ودفَع عنه. و (حامية القوم) : الذي يَحميهم ويذُبّ عنهم ، والهاء للمبالغة.
و (الحامي) في القرآن (١) : الفحْل إذا أَلْقَحَ (٢) ولَدُ ولَدِه ، لا يُركَب ولا يُمنَع من مَرعًى.
و (الحِمَى) موضع الكلأ يُحْمَى من الناس فلا يُرعى ولا يُقْرَب ، وكان ذلك من عادات الجاهلية فنفاه عليهالسلام فقال : «لا حِمى إلّا لله ولرسوله» أي إلا ما يُحمَى لخيل الجهاد ونَعَم الصدَقة.
ولقّب عاصم بن أبي الأقلَح (بحَمِيِّ الدَبْر) وهو جماعة النحل لأنها حَمْت لَحْمه ، فهو فَعيل بمعنى مفعول.
و (الحَمِيّة) : الأنَفة لأنها سبب الحِماية. وقوله : «لئلا تحمله حميّة الشيطان» إنما أضافها إليه لأنها منه. و (المَحْميَة) مثلُها ، وبها سمّي (محمِيّةُ بن جَزٍ) أو جَزْءٍ ، وهو صحابي (٣).
و (أحمى) المِيسَم و (أحْمى عليه) : أوقد النار عليه.
__________________
(١) في قوله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ). «المائدة ١٠٣».
(٢) كذا في الأصلين وط. والذي في اللسان والمختار : لقح ، بفتح فكسر ، ثلاثي مجرد.
(٣) من مهاجرة الحبشة ، شهد بدراً وفتح مصر. توفى نحو سنة «٢٥» ه.