وإنّك لتعرف وشائط قريش (١) ، وصقوة عوائدها ، فلا يَدعوّنك تصويبُ ما فَرط مِن خَطاك في سفك دماء المسلمين ، ومُحاربة أمير المؤمنين ، إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه ، فاقصد لمنهج الحقّ ، فقد طال عمهُك عن سبيل الرشد (٢) ، وخَبطُك في دَيجور ظلمة الغيّ ، فإن أبَيت إلا أن تُتابعَنا في قُبح اختيارك لنفسك فاعفِنا عن سوء القالة فينا إذا ضمّنا وإيّاك الندي (٣) ، وشأنُك وما تريد إذا خلَوت ، والله حسيبُك ، فوالله لولا ما جعل الله لنا في يديك لما أتيناك.
ثم قال : إنّك إن كلّفتني ما لم أُطِق ساءك ما سرّك منّي مِن خُلق.
فقال معاوية : يا أبا جعفر : اقسمتُ عليك لَتجلسنّ ، لعن الله من أخرجَ ضبّ صدرك مِن وجاره (٤) ، محمولٌ لك ما قلتَ ، ولكَ
__________________
١ ـ وشائظ : السَفَلة ، أو الدُخَلاء في القوم ، لَيسوا مِن صَميمهم. كما في « لسان العرب » لابن منظور.
٢ ـ عَمهُك : تَرَدّيك في الضلالة. كما يُستفاد من كتاب « العَين » للخليل بن أحمد.
٣ ـ النَديّ والنادي : مجلس القوم ، والجمعُ : أندية. ويُعبّر عنه حاليّاً بـ « الديوان » و « الديوانيّة ».
المحقق
٤ ـ أي : أخرَج غَيظ صدرك من مكانه ، أو : مِن حلقِك. يقال : وَجَرَ فُلاناً : أي : أسمعه ما يَكره. كما في كتاب المعجم الوسيط.