ولكن الجواب عنه واضح فالنكتة الأصلية في التداخل وعدمه هي أنّ الجملة الشرطيّة ظاهرة في الحدوث عند الحدوث أو في الثبوت عند الثبوت ، ولا إشكال في أنّه لا فرق في هذه الجهة بين ما إذا اختلف الشرطان في الجنس أو إتّحدا.
وأجاب عنه المحقّق الخراساني رحمهالله بأنّ الأجناس المختلفة لابدّ من رجوعها إلى واحد ، فيما جعلت شروطاً وأسباباً لواحد ، لما مرّت إليه الإشارة من أنّ الأشياء المختلفة بما هي مختلفة لا تكون أسباباً لواحد ( من باب قاعدة الواحد ).
أقول : قد مرّت الإشارة أيضاً إلى أنّه لا مجال لقاعدة الواحد في الامور الاعتباريّة غير البسيطة.
هذا كلّه في تداخل الأسباب.
والمراد من تداخل المسبّبات أنّه لو فرضنا دلالة كلّ واحد من القضيتين الشرطيتين على وجوب مستقلّ ولم نوافق على تداخل الأسباب فهل يكتفي بامتثال واحد عن كلا التكليفين أو لا؟
كما أنّ معنى تداخل الأسباب هو أنّ الشرط الثاني هل يؤثّر في الوجوب مستقلاً كالشرط الأوّل أو لا؟ فالفرق بين المقامين واضح ، وقد وقع الخلط بينهما في كلمات المحقّق الخراساني رحمهالله.
وكيف كان ذهب المحقّق النائيني رحمهالله إلى أنّ القاعدة في المقام الثاني ( تداخل المسبّبات ) تقتضي عدم التداخل ما لم يدلّ دليل على التداخل ثمّ قال : « نعم يستثنى من ذلك مورد واحد وهو ما إذا كانت النسبة بين الواجبين عموماً من وجه كما في قضيّة « أكرم عالماً » و « أكرم هاشميّاً » فإنّ إكرام العالم الهاشمي الذي هو مورد الاجتماع لهما يكون مسقطاً لكلا الخطابين لانطباق متعلّق كلّ منهما عليه ولا يعتبر عقلاً في تحقّق الامتثال إلاّ الإتيان بما ينطبق عليه متعلّق الأمر في الخارج » (١).
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ص ٤٣٢ ـ ٤٣٣.