وقوله : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا ...) (٢٧٥)
أي فى الدنيا (لا يَقُومُونَ) فى الآخرة (إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) والمسّ : الجنون ، يقال رجل ممسوس.
وقوله : (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا ...) (٢٧٨)
يقول القائل : ما هذا الربا الذي له بقيّة ، فإن البقيّة لا تكون إلّا من شىء قد مضى؟ وذلك (١) أن ثقيفا كانت تربى على قوم من (٢) قريش ، فصولحوا على أن يكون ما لهم على قريش من الربا لا يحطّ ، وما على ثقيف من الربا موضوع عنهم. فلمّا حلّ الأجل على قريش ، وطلب منهم الحقّ نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فهذه تفسير البقيّة. وأمروا بأخذ رءوس الأموال فلم يجدوها متيسّرة ، فأبوا أن يحطّوا الربا ويؤخّروا رءوس الأموال ، فأنزل الله تبارك وتعالى :
[وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون].
(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) من قريش (فَنَظِرَةٌ) يا ثقيف (إلى ميسرة) وكانوا محتاجين ، فقال ـ تبارك وتعالى ـ : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا) برءوس الأموال (خَيْرٌ لَكُمْ).
__________________
(١) هذا أخذ فى الجواب.
(٢) هم بنو المغيرة من بنى مخزوم ، كانت عليهم ديون لبنى عمرو بن عمير من ثقيف.