المقدّمات المفوتة ، حيث أطبق القوم على وجوب الغُسل على الجنب الصائم قبل طلوع الفجر ، وقطع المسافة على المستطيع قبل زمان الحجّ ، ولا يتعلّق الوجوب بهما إلاّ بجعل الوجوب فعلياً والواجب استقبالياً ، فعندئذ وجوب المقدّمة إنّما هو من آثار إطلاق الوجوب وحاليته لا من استقبالية الواجب ، فلا ثمرة لهذا التقسيم ، لأنّ الذي يميّز المعلّق عن المنجّز إنّما هو استقبالية الواجب في الأوّل دون الثاني وليس لذلك القيد أثر عملي. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه لم يرتب الثمرة على المعلّق في مقابل المنجّز حتّى يقال بأنّ الثمرة مشتركة بينهما ، بل على المعلق في مقابل الواجب المشروط ـ على مذهب المشهورـ ، فالواجب المشروط بما انّ الوجوب غير حالي لا تجب مقدّماته بخلاف الواجب المعلّق فبما أنّ وجوبه حالي تجب مقدماته المفوتة.
الثالث : ما أورده المحقّق ملا علي النهاوندي وربّما ينسب إلى السيد العلاّمة الفشاركي وقد نقله المحقّق الخراساني بتلخيص مخل ، وقال :
إنّ الطلب والإيجاب إنّما يكون بأزاء الإرادة المحركة للعضلات نحو المراد ، فكما لا يكاد تكون الارادة منفكة عن المراد فليكن الإيجاب غير منفك عمّا تتعلّق به ، فكيف يتعلّق بأمر استقبالي فلا يكاد يصحّ الطلب والبعث فعلاً نحو أمر متأخّر. (٢)
وحاصل هذا الإشكال : انّ تجويز الواجب المعلّق يستلزم تفكيك الإرادة عن المراد وهو محال ، بتوضيح أنّ وزان الإرادة التشريعية وزان الإرادة التكوينية ، غير أنّ الثانية تتعلق بفعل النفس والأُولى بفعل الغير ، فكما أنّ الإرادة في
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٦١.
٢ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٦٢.