قوله : وحينئذ فلو قدّرنا الوجود فيكون نفي الوجود عن الآلهة الأخرى بالمطابقة ونفي الامكان بالملازمة ، ولو قدّرنا الامكان فيكون إثبات الامكان له تعالى بالمفهوم وإثبات الوجود له تعالى بالملازمة ... الخ (١).
هذه الدلالة الالتزامية فرع ثبوت الملازمة بين نفي الوجود ونفي الامكان في الأوّل ، وثبوت الملازمة بين ثبوت إمكانه تعالى وبين وجوده تعالى ، وهذه الملازمة إنّما تكون علّة لتحقّق الدلالة الالتزامية بالنسبة إلى المتكلّم العارف بأنّ نفي وجوب الوجود يوجب نفي الامكان ، وأنّ مجرّد الامكان للواجب يوجب وجوده ، وأنّ الإله لا بدّ أن يكون واجب الوجود ، وهذا المعنى ربما لا يعرفه عوام أولئك المسلمين في أوّل إسلامهم ، إذ لا يكون الإله عندهم إلاّ عبارة عن المعبود ، ولا يتصوّرون حقيقة واجب الوجود على وجه يكون مجرّد إمكانه موجبا لوجوده ، وأنّ نفي وجوده يستلزم نفي إمكانه.
ولعلّه لأجل ذلك التجأ قدسسره إلى الجواب بنحو آخر ، وهو ما أفاده بقوله : هذا ويمكن أن يقال : إنّ كلمة « لا » في المقام كما في لو لا الغالبية مستغنية عن الخبر ، كما في ليس التامّة. وليس معنى وجوب حذف الخبر على ما ذكره النحويون إلاّ عدم الاحتياج إليه ، وحينئذ فيكون كلمة لا مفيدة لعدم تقرّر مدخوله في الوعاء المناسب له الخ (٢).
ولأجل أنّ تسلّط النفي على نفس الذات من دون لحاظ جهة من الجهات القابلة لطروّها عليها ولو مثل الوجود أو التقرّر في وعائها المناسب لها غير
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٨٦ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٨٦ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].