شرحناه فإنّ تلك العبارات لا يمكن تحصيل المراد منها إلاّ بنحو الاحتمال والظنّ.
قوله : الثاني إذا تردّد أمر فرد بين دخوله ... الخ (١).
قلت : لا يخفى أنّ الشبهة المصداقية كالشبهة المفهومية تارة تكون متردّدة بين المتباينين وأخرى بين الأقل والأكثر. مثال الأولى أن يقول : أكرم العلماء ثمّ يقول لا تكرم زيدا العالم ، ونفرض أنّه ليس بينهم إلاّ شخص واحد مسمّى بزيد ، لكن لأجل بعض العوارض تردّد ذلك الشخص بين شخصين عالمين بحيث لم نعرف أيّهما المسمّى بزيد ، هل هو الجالس في هذا الطرف مثلا أو الجالس في ذلك الطرف الآخر. ومثال الشبهة الثانية المثال المعروف وهو لو قال : لا تكرم الفاسق من العلماء ، وشككنا في فسق زيد وعدالته ، فعلى تقدير فسقه يكون الخارج من عموم العلماء أزيد منه على تقدير عدالته.
والظاهر أنّه لا ريب في عدم الرجوع إلى عموم العام في النحو الأوّل من الشبهة المصداقية ، أعني ما يكون من قبيل التردّد بين المتباينين ، لا من جهة العلم الاجمالي بحرمة اكرام أحدهما ، ولا من جهة تعارض أصالة العموم في كلّ منهما ، بل من جهة أنّ نفس أصالة [ العموم ] لا تجري في حقّ كلّ منهما وإن فرض موت الآخر ، هذا لو كان التردّد بين عالمين.
ولو كان التردّد بين عالم وجاهل وكانت الشبهة مصداقية بأن اشتبه العالم بالجاهل ، فلا ريب في عدم الرجوع إلى أصالة العموم في كلّ منهما لكونه من الشبهة المصداقية في ناحية العام ، فتأمّل.
وإنّما محلّ الكلام هو الشبهة المصداقية الثانية وهي المردّدة بين الأقلّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣١٩.