الكلام وكونه بحيث يمكن فيه النقل بالمعنى ، وينسب الحاصل إلى المتكلّم بطريق القول ، غاية الأمر أنّ صاحب الكفاية يسمّي هذه المرتبة من الدلالة بالدلالة الاستعمالية أو الدلالة القانونية. ولا يخلو تسميتها بذلك من مناسبة ، فإنّها لا تخرج عن حيّز الاستعمال وعن مجرّد الظهور الذي هو موضوع الحجّية ، على وجه يكون ذلك الظهور كقانون يأخذه السامع عن المتكلّم. وليس مراده بالدلالة الاستعمالية هي الدلالة التصوّرية ، فإنّ تلك الدلالة التصوّرية ليست عند صاحب الكفاية بدلالة ، بل هي عنده جهالة وضلالة كما صرّح به في أوائل مباحث الألفاظ (١). كما أنّه ليس مراده من الدلالة القانونية جعل القاعدة في مورد الشكّ ، بل ليس مراده من الدلالة القانونية إلاّ ذلك الظهور ، الذي هو عبارة عن المرتبة الأولى للدلالة التصديقية ، وحينئذ فلا يتّضح الخلاف في جميع هذه المسائل بين هؤلاء الأعلام ، فراجع كلماتهم ليتّضح لك صحّة ما أدّعيه ، والله هو ولي التوفيق والهداية.
والأولى تبديل الدلالة في هذه المقامات بالارادة ، فإنّ الارادة هي محلّ الكلام في التجوّز والحقيقة ، لا الدلالة التي هي عبارة عن مرحلة ما يفهمه السامع من كلام المتكلّم ، وحينئذ يكون تقسيمها إلى تصوّرية وتصديقية بكلا المرتبتين أجنبيا عن محلّ البحث من الحقيقة والمجاز ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : قلت ليس الأمر كذلك ، فإنّ التخصيص الأفرادي يوجب تقييد مدخول الأداة أيضا ... الخ (٢).
الظاهر أنّا لو التزمنا بالاخراج من نفس الشمول الذي هو مفاد كلّ أو
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٠٤ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].