قوله : الأوّل أنّ العام المخصّص وإن لم يرد منه العموم بالارادة الجدّية ، لكنّه مراد منه بالارادة الاستعمالية دائما ... الخ (١).
لا يخفى أنّ شيخنا قدسسره قسّم الدلالة إلى ثلاثة أقسام :
الأولى : الدلالة التصوّرية ، وهي عبارة عن مجرّد خطور المعنى بالبال بمجرّد خطور اللفظ ، من جهة الأنس الناشئ عن الوضع أو كثرة الاستعمال.
الثانية : التصديقية ، وهي عبارة عن الدلالة على أنّ المتكلّم أراد بذلك اللفظ ذلك المعنى ، بحيث إنّه يمكن نسبة ذلك المعنى المتحصّل من الكلام إلى المتكلّم بطريق القول ، وهذه هي مركز الظهور.
الثالثة من الدلالة : الدلالة التصديقية أيضا ، وهي في الرتبة بعد الثانية ، ومرجعها إلى الحكم على المتكلّم بأنّه أراد ذلك المعنى الذي فرضنا نسبته إليه بطريق القول.
وهذه الأخيرة هي مركز حجّية ذلك الظهور ، والقرائن المنفصلة تتصرّف في هذه الدلالة الأخيرة ، وتوجب رفع اليد عن حجّية ذلك الظهور مع بقاء الظهور بحاله ، بخلاف القرائن المتّصلة فإنّها تتصرّف في الدلالة الثانية التي هي مركز الظهور ، فإنّ انضمام تلك القرائن إلى الكلام يوجب سقوط ظهوره في معناه الأصلي ، وعدم صحّة نسبته إليه بطريق القول.
وشيخنا قدسسره قد ذكر هذا التفصيل في مقامات كثيرة ، منها في أوائل التعادل والتراجيح في كيفية الجمع بين الخاصّ والعام (٢) ، ومنها في أوائل حجّية الظهور
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٩٩ ـ ٣٠١ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٢٨٤.