بيان مراده الجدّي ، وأنّ مراده الجدّي هو شمول العام لكلّ فرد من أفراده ، وأنّ هذا الشمول هو الحكم الواقعي ، كان ذلك عبارة أخرى عن أنّ الخاص يكون محكوما عليه قطعا بحكم العام ، وحينئذ لا بدّ لنا من أن نقول إنّ الخاصّ المذكور ناسخ لذلك الحكم العام حتّى لو كان صدوره قبل وقت الحاجة على وجه لو جوّزنا النسخ قبل الحاجة فهو ، وإلاّ كان ذلك الخاصّ مصادما ومعارضا للعام ، هذا إذا كان إحرازنا لكون العام قد صدر لبيان الحكم الواقعي من طريق آخر غير أصالة العموم على وجه عرفنا وعلمنا من الخارج أن المتكلّم في إصداره لذلك العموم كان قاصدا لبيان الحكم الواقعي ، وأنّ مراده الواقعي الجدّي هو الحكم على جميع أفراد ذلك العام.
وإن لم يكن الأمر كذلك ، بل كان إحرازنا لذلك من طريق أصالة العموم وحجّية أصالة الظهور ، وأنّ الظاهر من حال المتكلّم أنّه يريد ما هو الظاهر من كلامه ، رجعت الصورة الأولى إلى الثانية.
قوله : الثانية : أنّهم ذكروا أنّ النسخ قبل وقت الحاجة غير معقول ، وعليه بنوا تعيّن ... الخ (١).
المراد بوقت الحاجة هو حضور وقت العمل ، والمراد بحضور وقت العمل هو حصول الشرط المأخوذ في ذلك الحكم الذي يراد نسخه ، وحينئذ تكون القضية الخارجية خارجة موضوعا عن هذا النزاع ، فإنّ الأحكام في القضايا الخارجية لا يدخلها الشرط ، وأقصى ما فيه أن يكون من دواعي جعل الحكم ليكون المدار فيه على علم الآمر بوجود ذلك ، لا على وجود الشرط واقعا.
وبعبارة أخرى لا يكون الحكم في القضية الخارجية مشروطا بشيء ، وإنّما
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٩٤ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].