عنه في هذا الكتاب في الفصل الآتي (١) ، فراجعها وتأمّل.
قوله : ربما يقال بأنّ العلم الاجمالي بحرمة اكرام زيد العالم أو الجاهل موجب لترك اكرامهما ... الخ (٢).
لا يقال : إنّ زيدا العالم يكون من قبيل الدوران بين المحذورين ، لأنّه إن كان هو المراد بقوله لا تكرم زيدا ، كان محرّم الاكرام. وإن كان المراد بقوله لا يكرم زيد ، هو زيد الجاهل كان زيد العالم واجب الاكرام ، فلا يكون التحريم في حقّه منجّزا ، لكونه من الدوران بين المحذورين. وإذا لم يكن التحريم قابلا للتنجّز في زيد العالم ، لم يكن العلم الاجمالي المردّد بين حرمة إكرامه وحرمة إكرام زيد الجاهل منجّزا ، لعدم قابلية العلم الاجمالي للتنجيز إذا كان الحكم المعلوم غير قابل للتنجّز في أحد طرفيه.
لأنّا نقول : أقصى ما يقتضيه تردّد زيد العالم بين المحذورين هو عدم لزوم أحدهما في حقّه ، وذلك لا ينافي تنجّز التحريم في حقّه ولزوم ترك إكرامه من جهة وقوعه طرفا لعلم إجمالي آخر ، وهو العلم بحرمة الاكرام المردّدة بينه وبين زيد الجاهل ، غايته أنّه لا يكون الوجوب منجّزا في حقّه ، لأنّه ليس بمقرون بالعلم الاجمالي. نعم ، هو ـ أعني وجوب إكرام زيد العالم ـ لازم لأحد طرفي العلم الاجمالي بالتحريم ، وذلك الطرف هو ما لو كان المحرّم الاكرام هو زيدا الجاهل ، بخلاف ما لو كان المحرّم هو زيدا العالم ، فإنّه لا وجوب في البين ، فلا يكون الوجوب حينئذ إلاّ احتمالا بدويا ، فتجري فيه البراءة ويكون اللازم هو اجتناب إكرام كلا الطرفين.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣١٠ ـ ٣١١.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣١٨ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].