قوله قدسسره في الكفاية : الأمر الثالث ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الظاهر من كلامه قدسسره أنّه أخذ تعدّد الأسباب مسلّما فلا تداخل فيها. وكأنّ جلّ غرضه قدسسره هو نفي تداخل المسبّبات ، ولأجل ذلك قال : فلا بدّ على القول بالتداخل من التصرّف فيه الخ ، فإنّ الوجه الأوّل راجع إلى دعوى وحدة الوجوب ، لأنّ الشرطية لا دلالة لها على الحدوث عند الحدوث. والثاني راجع إلى أنّ الوجوب وإن تعدّد وكان متعلّقه متعدّدا بواسطة تعدّد السبب ، إلاّ أنّه يمكن تحقّق الامتثال لكلا الوجوبين بفعل واحد. والثالث راجع إلى دعوى التأكّد.
ومن الواضح أنّ كلّ واحد من هذه الوجوه راجع إلى دعوى الاتّحاد في المسبّب ولو في مقام الامتثال كما في الوجه الثاني ، وحينئذ فلا مورد لمسألة كون الأسباب الشرعية معرّفات ، ولا للتفصيل بين اتّحاد الجنس وعدمه ، لأنّ ذلك إنّما هو في مقام دعوى اتّحاد السبب.
كما أنّ قوله قدسسره إن قلت : وجه ذلك هو لزوم التصرّف في ظهور الجملة الشرطية لعدم امكان الأخذ بظهورها حيث إنّ قضيته اجتماع الحكمين في الوضوء في المثال الخ (٢) إنّما يكون متوجّها لاثبات اتّحاد السبب ، أعني أنّ الأولى بهذا الاعتراض أن يكون مسوقا لاثبات التداخل من حيث السبب ، وإنكار دلالة الجملة الشرطية على أنّ كلّ شرط يكون موجبا لحدوث وجوب عند حدوثه ، لأنّ ذلك موجب لتوارد الوجوب وتعدّده على طبيعة واحدة ، فدفعا لهذا الإشكال نقول إنّه لا بدّ من تداخل الأسباب.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٠٢.
(٢) كفاية الأصول : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.