كما في بعضها « نحن ألقينا ذلك بينهم » (١) وفي الآيات ناسخا ومنسوخا وعاما وخاصّا ، وليس هو إلاّ من قبيل تأخير البيان عن وقت الخطاب أو وقت الحاجة لحكمة هناك جرى عليها الشارع الحكيم ، كما يجري عليها العقلاء في تفاهمهم وفي بيان قوانينهم.
ويمكن القول بعدم كون ذلك من قبيل التوقّف في الظهور وأنّه لا ينعقد إلاّ بعد الفحص ، بل هو كما عرفت منعقد ، وينبغي أن يكون حجّة ، لكن احتجاج العقلاء به يتوقّف على إحراز عدم المزاحم ، وذلك لا يكون إلاّ بعد الفحص ، لأنّه لو لم يتفحّص يكون احتمال وجود المزاحم قويا على وجه لا يعتني العقلاء بأصالة العدم في نفيه والجري على طبق ما يقتضيه الظهور ، وكلّ عقلائي ، فكما أنّ الظهور عقلائي فكذلك حجّيته والأخذ به عقلائي أيضا ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : الأوّل أنّ موضوع البحث إنّما هو ما إذا كان الكلام المتكفّل لبيان الحكم مشتملا على أداة من أدوات الخطاب ، وأمّا ما لم يكن فيه ذلك كما إذا ورد أنّ المؤمنين يجب عليهم كذا ، فلا إشكال في عمومه للحاضر والغائب والمعدوم على نحو واحد ... الخ (٢).
قال في الكفاية : فاعلم أنّه يمكن أن يكون النزاع في أنّ التكليف المتكفّل له الخطاب هل يصحّ تعلّقه بالمعدومين كما صحّ تعلّقه بالموجودين أم لا؟ أو في صحّة المخاطبة معهم بل مع الغائبين عن مجلس الخطاب بالألفاظ الموضوعة
__________________
(١) [ ورد بمضمونه عدّة أحاديث ، منها : ما رواه في علل الشرائع : ٣٩٥ / ب ١٣١ ح ١٤ ، ١٥. ومنها : ما رواه الشيخ في مبحث الخبر الواحد من العدّة في أصول الفقه ١ : ١٣٠ مرسلا عن الصادق عليهالسلام ].
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٦٥ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].