قوله : وأمّا النكرة في سياق النفي أو النهي فاستفادة السالبة الكلّية منها وإن كانت ممّا لا ينكر ، إلاّ أنّ السلب فيهما أيضا متعلّق بكلّ واحد واحد من الأفراد ، وانتفاء الحكم عن مجموع الأفراد إنّما هو لازم انتفائه عن الجميع ، لا أنّه بنفسه مدلول للكلام (١).
تقدّم في أوائل النواهي أنّ الذي هو المطلوب بالنهي يكون ضدّ ما هو المطلوب بالأمر ، فإنّ المطلوب بالأمر هو إفاضة الوجود على الطبيعة واخراجها من العدم ، ولازم ذلك هو الاكتفاء بأوّل وجودها ، والمطلوب بالنهي هو المنع من إفاضة الوجود عليها وإخراجها عن العدم ، ولازم ذلك هو حصول عصيان ذلك النهي بتمامه بأوّل وجودها ، وسقوط النهي بذلك العصيان ، وعدم التمكّن من إطاعته بعد ذلك لتحقّق المنهي عنه. وهذا المعنى وإن لم يكن من قبيل العام المجموعي اصطلاحا ، إذ ليس في البين أفراد متعدّدة قد تعلّق الطلب بتركها تركا واحدا منبسطا على تمام الأفراد ، إلاّ أنّه مساو للعموم المجموعي في النتيجة ، وهو حصول العصيان بأوّل وجود الطبيعة ، وسقوط النهي بذلك وعدم قابليته للتبعيض بالاطاعة والعصيان.
ولكن تقدّم أيضا أنّ هناك قرينة عامّة توجب كون المطلوب بالنهي هو ترك كلّ واحد من أفراد الطبيعة ، وتلك القرينة العامّة هي المفسدة القائمة بالطبيعة الموجبة لتحقّق المبغوضية بالنسبة إلى كلّ فرد من أفرادها الطولية والعرضية ، وبواسطة تلك القرينة العامّة يكون العموم في باب النواهي عموما افراديا انحلاليا ، فراجع البحث المشار إليه وما علّقناه هناك (٢) وتأمّل.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٩٩ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) راجع أجود التقريرات ٢ : ١٢٠ وما بعدها ، وراجع أيضا حاشية المصنّف قدسسره في المجلّد الرابع من هذا الكتاب الصفحة : ٣ وما بعدها.