الفسّاق مجهول الفسق للمكلّف ، إذ بعد سقوط العام عن الحجّية والدليلية الاجتهادية في من هو فاسق واقعا يكون عموم العام بالنسبة إلى ما شكّ في فسقه مشكوك الحجّية غير معلوم الدليلية الاجتهادية ، لاحتمال دخول ذلك المشكوك في من هو فاسق واقعا المفروض سقوط دليلية العام وحجّيته بالنسبة إليه ، وذلك لأنّ مجهول الفسق على تقدير كونه في الواقع فاسقا يكون داخلا في من قام الدليل الاجتهادي على حرمة إكرامه ، غايته أنّه لم يكن المكلّف محرزا لكونه فاسقا ، فإنّ عدم إحرازه وإن أوجب معذوريته إلاّ أنّه لا يوجب خروجه عن كونه ممّا قام الدليل فيه على خلاف حكم العام ، بخلاف عدم الاحراز في صورة الشبهة الحكمية وفي صورة الشبهة المفهومية فإنّ ذلك أعني عدم إحرازه يخرج المورد عن كونه ممّا قام الدليل الاجتهادي فيه على خلاف حكم العام وإن كان نفس ذلك الدليل موجودا في الواقع.
وبالجملة : أنّ دليلية الدليل الاجتهادي وإن كانت منوطة بالوصول إلى المكلّف إلاّ أنّ عدم إحراز الموضوع ليس ممّا ينافي الوصول ولا يوجب سقوط الدليل الاجتهادي بالنسبة إلى كلّ ما ينطبق عليه حتّى ما لم يكن الموضوع فيه محرزا وإن كان معذورا بالنسبة إليه ، وإذا كانت دليلية لا تكرم الفسّاق غير ساقطة عن زيد المشكوك على تقدير كونه فاسقا في الواقع كانت حجّية العام ودليليته بالنسبة إلى زيد المذكور غير معلومة ، لاحتمال كونه ممّا قام الدليل الفعلي على خلافه الموجب لعدم حجّيته فيه.
ومن هذا التقرير يظهر لتقريب المنع من التمسّك بالعموم وجه آخر هو قريب من هذا الوجه أو من سنخه ، وهو أنّ إعمال الأدلّة الاجتهادية إنّما هو لاستكشاف الحكم الكلّي الوارد على العناوين الكلّية ، أمّا انطباق تلك العناوين