يرفع اليد عن ذلك الظهور الذي هو المقتضي لحجّية العام إلاّ إذا تحقّق المانع الذي هو حجّية الخاصّ ، فقد عرفت الجواب عنه بأنّ الخاصّ وإن لم يكن حجّة في مورد الشكّ المزبور إلاّ أنّ العام لا مورد له فيه ، لأن محصّل حجّية العام هو أصالة العموم والحكم بعدم التخصيص ، وهو إنّما يكون في مورد احتمال التخصيص الزائد كما في مورد الشبهة المفهومية دون ما نحن فيه من موارد الشبهة المصداقية ، إذ ليس فيها احتمال زيادة في التخصيص كي تكون أصالة العموم نافية لتلك الزيادة.
قوله : وحيث إنّ دليل المخصّص لا يكون حجّة في الأفراد المشكوكة فيبقى حجّية العام فيها بلا معارض ـ إلى قوله ـ فمدفوع بأنّ دليل المخصّص بعد تقييده للعام بغير افراده الواقعية وثبوت هذا التقييد عند المخاطب ... الخ (١).
ظاهره أنّ الخاصّ يوجب تقيّد العام واقعا على حسب مدلوله الواقعي ، وحينئذ يتوجّه النقض بالشبهة المفهومية ، فلا بدّ من الالتزام حينئذ بأنّ الخاصّ إنّما يقيّد العام بمقدار ما يكون هو ـ أعني الخاصّ ـ حجّة فيه ، بمعنى أنّا لا يمكننا رفع اليد عمّا بأيدينا من الحجّة الفعلية التي هي العموم إلاّ بحجّة فعلية على خلافها هي أقوى منها ، ففي مورد يكون الخاص حجّة فعلية نرفع اليد عن العموم ، وفي المورد الذي لا يكون الخاصّ حجّة فعلية فيه لا نرفع اليد عن تلك الحجّة الفعلية لكونه بلا موجب كما في الشبهة المصداقية.
نعم إنّ نفس عموم العام أعني أصالة العموم وعدم التخصيص لا تجري في حدّ نفسها في مورد الشكّ المذكور ، لأنّ ذلك الفرد على تقدير كونه فاسقا في
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٢٣ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].