الوجود أو نفي المعبودية بحقّ ، أو غير ذلك ممّا شرحناه (١) في أنّ المنفي بهذه الجملة ما هو. وعلى أي حال ، أنّهم يفهمون منها أنّ ذلك المنفي ثابت لما بعد إلاّ ، لا أنّ ما بعد « إلاّ » يكون مسكوتا عنه ، وهذا الذي يفهمه أهل اللسان إنّما يفهمونه من مجرّد هذه الجملة في حدّ ذاتها ، من دون استناد إلى قرينة مقالية أو مقامية ، ولأجل ذلك يحكمون باسلامه بمجرّد صدور هذه الجملة منه. وهكذا الحال في أبواب الأقارير فإنّهم يحكمون على من قال ليس له عليّ عشرة إلاّ درهم بأنّه قد أقرّ له بدرهم ، وما ذلك إلاّ من جهة ما ذكرناه من كون اللفظ بنفسه ظاهرا في ذلك ، وهو أعني الانسباق من اللفظ دليل الحقيقة ، وحينئذ فلا وجه لما أفيد في الكفاية من الجواب عن هذا الاستدلال بقوله : إنّه لا موقع للاستدلال ـ إلى قوله ـ لإمكان دعوى أنّ دلالتها على التوحيد كان بقرينة الحال أو المقال (٢).
قوله قدسسره في الكفاية : وربما يعدّ ممّا دلّ على الحصر كلمة ( بل ) الاضرابية. والتحقيق : أنّ الاضراب على أنحاء : منها ما كان ... الخ (٣).
الظاهر أنّ هذه الأنحاء التي ذكرها قدسسره كلّها في « بل » المسبوقة بالايجاب ، والظاهر أنّ التي تكون للحصر هي المسبوقة بالنفي أو النهي ، فإنّها صريحة في النفي والاثبات كلفظة إلاّ الاستثنائية المسبوقة بالنفي : قال ابن مالك :
وبل كلكن بعد مصحوبيها |
كلم أكن في مربع بل تيها |
|
وانقل بها للثاني حكم الأوّل |
في الخبر المثبت والأمر الجلي (٤) |
__________________
(١) راجع الحاشية الآتية في الصفحة : ٧٨ وما بعدها.
(٢) كفاية الأصول : ٢١٠.
(٣) كفاية الأصول : ٢١١.
(٤) شرح ابن عقيل ٢ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.