الموجود ، بل يكفي المقدّمة الثانية القائلة إنّه لم يبيّن ، إذ لا بدّ من احراز أنّه لم يبيّن ، ومع احتمال قرينية الموجود لا يكون السامع قد أحرز أنّه لم يبيّن ، فما أفاده شيخنا من الاستغناء عن الثالثة مع أنّه يعتني باحتمال قرينية الموجود لا ضير فيه.
قوله : وأخرى ينشأ من التشكيك في الماهية في متفاهم العرف. وهذا يكون على قسمين ، فإنّ التشكيك تارة يكون بحيث يرى العرف خروج بعض مصاديق الطبيعة عن كونه فردا فينصرف اللفظ عنه لا محالة كانصراف لفظ ما لا يؤكل لحمه عن الإنسان ، وأخرى يكون بحيث يشكّ العرف في كونه مصداقا له ، فينصرف اللفظ إلى غيره كانصراف لفظ الماء إلى غير ماء الزاج والكبريت ... الخ (١).
الذي حرّرته عنه قدسسره هو أنّ أفراد الطبيعة إذا كانت متواطئة ، بأن تكون متساوية الأقدام في صدق الطبيعة عليها ، لم يكن للانصراف في بعضها الناشئ عن قلّة الوجود وكثرته أثر. وإن لم تكن الأفراد متواطئة بل كانت من قبيل التشكيك ، على وجه يكون في بعضها نقصان عن البعض الآخر من حيث صدق الطبيعة ، كان الانصراف موجبا لظهور اللفظ في غيره ، وذلك كما في الماء ، فإنّ في ماء الزاج وماء الكبريت نقصانا في جهة صدق طبيعة الماء حتّى كأنّهما من غير جنسه ، وهكذا الحال في الإنسان ذي الحقوين.
إلاّ أنّ التشكيك قد يصل إلى درجة يوجب انصراف اللفظ عن ذلك الناقص وظهوره في غيره كما في الماء بالنسبة إلى ماء الكبريت والماء الزاجي ، وأخرى لا يكون موجبا إلاّ لانصراف اللفظ عن ذلك الناقص من دون أن يكون موجبا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٣٥ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].