ثمّ لا يخفى أنّ حاصل ما ندّعيه في هذا المقام وفي مقام الواجب المشروط كما مرّ عليك في محلّه (١) ، هو استحالة تقييد الماهية بذاتها بلا لحاظ طارئ يطرو عليها ، فإنّ الماهية في حدّ ذاتها وسيعة المنطقة ، ولا يعقل لأي أحد أن يضيّق منطقتها ، وإنّما أقصى ما في البين هو أنّه يمكنه تضييق ما يورده من الطوارئ ، وحينئذ يتسنّى له تضييق منطقة تلك الماهية باعتبار أخذها مطروّة لذلك الطارئ ، وحينئذ لا بدّ أن يكون تضييق منطقتها من حيث ذلك الطارئ ، وحينئذ يكون ذلك التضييق راجعا لبّا إلى ذلك الطارئ.
وقد تقدّم التأمّل في كلام شيخنا قدسسره في تصوير شرط نفس الواجب مثل الطهارة بكونه سابقا على رتبة الطلب بحيث يكون تقييدا إفراديا ، بما مفاده المنع من تقييد المادّة قبل ملاحظة طرو الطلب عليها ، وإنّما أقصى ما في البين هو تقييدها وملاحظتها مقيّدة في مرتبة إيراد الوجوب عليها ، وحينئذ لا يتمّ الفرق بين شرط الوجوب وشرط الواجب. ولو تمّ ما أفاده قدسسره من الفرق بينهما بأنّ شرط الواجب من قبيل التقييد الافرادي وشرط الوجوب من قبيل تقييد الجملة التركيبية ، لكان المفهوم ممتنعا في الأوّل وكان لازما في الثاني.
نعم يمكن أن يقال : إنّ التقييد الطارئ على المادّة ، لا بدّ أن يكون طرو ذلك القيد عليها باعتبار لحاظ كونها متعلّقة للطلب ، لكن لحاظ كونها متعلّقة للطلب تارة يكون المنظور به هو الطلب اللاحق ، فيكون ذلك القيد واقعا تحت الطلب ، فيكون أيضا مطلوبا. وأخرى يكون المنظور به هو الطلب السابق أو المقارن لطرو التقييد ، فيكون ذلك القيد خارجا عن حيّز الطلب. وعلى كلّ منهما لا يكون المجرّد من ذلك القيد متّصفا بالطلب ، بحيث يكون الطلب منحصرا بمورد ذلك
__________________
(١) راجع الصفحة : ٣٢ من المجلّد الثاني من هذا الكتاب.