جعله لا بدّ أن يكون في الواقع متّصفا بأحد الأمرين من أنّ مصلحته محدودة ، فيرد عليه النسخ الذي هو رافعه ، أو أنّ مصلحته غير محدودة فلا يرد عليه النسخ أصلا ، وهو محصّل العموم الأزماني الطارئ على ذلك الحكم بعد فرض جعله ، إذ ليس العموم الأزماني مأخوذا في ناحية المتعلّق ، لأنّ ذلك أجنبي عمّا هو مفروض الكلام من كون العموم الأزماني واردا على نفس الحكم.
ثمّ إنّ محصّل العموم الأزماني بالنسبة إلى نفس الحكم ليس هو عبارة عن تعدّد الأحكام بحسب تعدّد الآنات ، بل لا يكون محصّله إلاّ استمرار ذلك الحكم وبقاءه في عمود الزمان ، فلو كان لنا مثل هذا العموم الأزماني بأن دلّ الدليل على أنّ هذا الحكم باق مستمرّ مع الزمان ، كان ذلك عبارة أخرى عن أنّه لا يرفعه رافع ولا ينسخه ناسخ ، فيكون حينئذ هذا معارضا لما دلّ على نسخه معارضة تباين لا العموم المطلق ، فلا يكون لقولهم إنّ النسخ تخصيص بحسب الزمان معنى محصّل ، لما عرفت من وقوع التباين بين قوله هذا الحكم مستمرّ باق مع الزمان مع قوله بأنّه مرفوع في الآن الفلاني ، وليس الأوّل إلاّ عبارة عن قولك هذا الحكم طويل الأمد أو أنّه لا نهاية له ، مع قولك إنّ هذا الحكم قصير الأمد أو أنّ له نهاية في كون الأوّل منافيا للثاني منافاة تباين.
ولو سلّمنا كون المعارضة على وجه العموم المطلق ، بأن يكون محصّل العموم الأزماني أنّ الحكم باق مستمرّ في كلّ آن ، ليكون قوله نسخته في الآن الفلاني مخصّصا لقوله في كلّ آن ، لم يكن ذلك منافيا لما ذكرناه من كونه بالنسبة إلى أصل الحكم رفعا ، وإن كان بالنسبة إلى ذلك الدليل تخصيصا ، فإنّ المتحصّل من الدليلين هو أنّ هذا الحكم باق مستمرّ مع الزمان لا أرفعه في جميع الآنات الآتية إلاّ في الآن الفلاني الذي هو بعد مدّة عشر سنين مثلا فإنّي أرفعه عنكم ، لكن