والثالث : هو حكمة التشريع ، وهي لا تطّرد ولا تنعكس ، هذا في مقام الثبوت.
وأمّا مقام الاثبات ، فهو قدسسره وإن ذكر الضابط فيه وحصره بالأمور الثلاثة ، إلاّ أنّ الأوّل من هذه الأمور لا مجال لانكاره ، إذ لا ينبغي الإشكال في أنّ ما يجهله العرف لا يمكن أن يجعل من قبيل الكبرى الكلّية التي هي مطّردة ومنعكسة ، بل لا بدّ أن يكون ذلك من قبيل حكمة التشريع.
أمّا الوجهان الأخيران فيمكن المناقشة فيهما في مقام الاستظهار ، فتكون المناقشة فيهما صغروية فقهية استظهارية. بل ربما أشكل على الأوّل منهما بعدم المعقولية ، إذ لا يعقل أن يكون مطلق الاسكار علّة لخصوص حرمة الخمر دون غيره من المسكرات ، اللهمّ إلاّ أن تكون العلّة هي الاسكار المضاف إلى الخمر ، وحينئذ يكون الوجه الأوّل من الوجهين الأخيرين راجعا إلى الأخير منهما ، ومراده قدسسره منه هو أنّ مجرّد احتمال الخصوصية كاف في التوقّف ، ولا يبعد ذلك.
أمّا ما في الحاشية (١) ممّا ظاهره الرواية فلعلّه إشارة إلى ما في الوسائل في باب ما يفعل فعل الخمر فهو حرام ، عن أبي إبراهيم عليهالسلام قال : « إنّ الله عزّ وجلّ لم يحرّم الخمر لاسمها ولكن حرّمها لعاقبتها فما فعل فعل الخمر فهو خمر » (٢).
وعلى كلّ حال لو ادّعى استفادة التعميم عرفا من مثل ذلك فإنّما هو من ما بعد هذه الجملة من قوله « فما فعل فعل الخمر فهو خمر » هذا مضافا إلى كثير من الروايات المتضمّنة لحرمة كلّ مسكر (٣) وأنّ كلّ مسكر خمر (٤) ، وأنّ الله حرّم الخمر وأنّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٣٨٠.
(٢) وسائل الشيعة ٢٥ : ٣٤٣ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٩ ح ٢.
(٣) وسائل الشيعة ٢٥ : ٣٢٦ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٥ ح ٥.
(٤) وسائل الشيعة ٢٥ : ٣٣٦ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٧ وغيره.