وثانيا : أنّ هذا الإشكال بعينه جار في موارد الشبهة البدوية في التخصيص وموارد الشبهة المفهومية في المنفصل المردّد بين الأقل والأكثر ، لاحتمال كون مورد الشكّ محكوما بحكم الخاصّ مع فرض كونه محكوما بحكم العام ، بل إنّ ذلك جار في المخصّص المتّصل ، لاحتمال كون المورد محكوما بحكم العام ، مع احتمال كونه محكوما بحكم الخاصّ بمعنى أنّه على تقدير كونه محكوما بحكم العام يحتمل أن يكون محكوما بحكم الخاصّ ، فيكون من قبيل احتمال اجتماع المتنافيين في رتبة واحدة.
وقد أوردت عليه بالشبهة البدوية وأجاب كما حرّرته عنه : بأنّ أصالة عدم التخصيص نافية للاحتمال الثاني وهو كون المورد محكوما بحكم الخاصّ.
وفيه : ما لا يخفى ، فإنّ أصالة عدم التخصيص عبارة أخرى عن حجّية العام ، فإن كانت حجّية العام نافعة في مورد الشبهة البدوية فلم لا تنفع في مورد الشبهة المصداقية.
مضافا إلى أنّا لو سلّمنا أنّ أصالة عدم التخصيص أصل مستقلّ برأسه في قبال أصالة العموم فهي غير نافعة في طرد الاحتمال الثاني إلاّ تعبّدا ، وذلك لا يوجب القطع بعدمه ، فأصالة عدم التخصيص لا ترفع الاحتمال الوجداني ، فلا تنفع في دفع إشكال احتمال اجتماع المتنافيين.
وثالثا : أنّا لو أسقطنا عموم العام لم يخرج مورد الشكّ المزبور عن كونه محلا لاجتماع المتنافيين لبقاء احتمال كونه محكوما بحكم العام ، مع أنّه على تقدير كونه محكوما بذلك يحتمل أيضا كونه محكوما بحكم الخاصّ ، فكان احتمال اجتماع المتنافيين الذي فرّ منه باسقاط العام باقيا بحاله بعد الاسقاط المزبور.