متأخرا عن بعضها باعتبار كون ذلك البعض المتأخر مأخوذا في موضوعه الشكّ في المتقدّم ، وأفاد أنّ ذلك مثل الأحكام المأخوذة من الأصول العملية الجارية في الشبهات الموضوعية ، فإنّها لمّا كان موضوعها هو الشكّ في الأحكام الظاهرية المأخوذة عن الأدلّة الاجتهادية كانت متأخرة عن الأحكام الظاهرية المذكورة ، لعين البرهان في تأخر الأحكام الظاهرية المأخوذة عن الأدلّة الاجتهادية عن الأحكام الواقعية ، وأفاد أنّ الحكم الثابت بدليل العام من الأحكام الظاهرية المأخوذ في موضوعها عدم العلم بالحكم الواقعي ، كما أنّ الحكم الثابت بدليل لا تكرم الفاسق على تقدير كون مورد الشكّ فاسقا في الواقع من هذا السنخ من الأحكام الظاهرية ، أعني أنّه متأخر عن الحكم الواقعي برتبة واحدة ، فيكون واقعا في رتبة الحكم الظاهري الثابت له بدليل أكرم العلماء ، فإذا أجرينا حكم العام في مورد الشكّ المزبور كان ذلك من الأحكام الظاهرية ، ومع ذلك أنّا نحتمل كونه من مصاديق الخاص واقعا ، فنحتمل أنّ حكمه هو عدم وجوب الاكرام أو حرمته ، وحيث إنّ هذا الحكم الآتي من ناحية الخاصّ أيضا ظاهري مأخذه الأدلّة الاجتهادية ، وهو في رتبة واحدة مع الحكم الظاهري الثابت بدليل أكرم العلماء ، فينتهي الأمر بالأخرة إلى احتمال وجود المتناقضين وهما في مرتبة واحدة ، وذلك محال كاجتماع المتناقضين.
وفيه : أوّلا : المناقشة في المبنى وهو تصحيح الجمع بين الأحكام الظاهرية والأحكام الواقعية باختلاف المرتبة كما حقّق في محلّه (١) من عدم الحقيقة للأحكام الظاهرية ، وأنّها ليست إلاّ طرقا في صورة الأحكام لا أنّها أحكام حقيقية.
__________________
(١) راجع حاشيتي المصنّف قدسسره على فوائد الأصول ٣ : ١١٢ و ١١٨ ـ ١١٩ في المجلّد السادس.