كلّ عالم يجب إكرامه بالعموم ، وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كلّ من لم يجب إكرامه ليس بعالم ، وهو المطلوب ، وعلى ذلك جرى ديدنهم في الاستدلالات الفقهية ، كاستدلالهم على طهارة الغسالة على أنّها لا ينجّس المحل ، فإن كان نجسا غير منجّس يلزم تخصيص قولنا كلّ نجس ينجّس (١).
وقد عرفت أنّا إذا قلنا بالطهارة يلزم تخصيص كلّ قليل ينجس بالملاقاة ، فالتخصيص لأحد العمومين لازم على كلّ حال ، وليست المسألة من دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص إلاّ بالنظر إلى كلّ نجس ينجّس ، الموجب لسقوطه ، إلاّ أن نقول بجريان أصالة العموم في هذه الكلّية الثانية بالمعنى الأعمّ من الخروج تخصيصا أو تخصّصا ، اللازم [ أن ] يكون لازمه بالاعتبار الثاني هو عدم النجاسة ، وحينئذ يكون هذا الأصل في هذه الكلّية معارضا لأصالة العموم في الكلّية الأخرى ، وهي كلّ قليل ينجس بالملاقاة ، وبعد التساقط يكون المرجع هو قاعدة الطهارة. ولكنّه مع ذلك لا يكون المرجع هو قاعدة الطهارة ، لأنّ في خصوص الغسالة ما يدلّ على النجاسة من الأخبار ، مثل رواية العيص بن القاسم : « سألته عن رجل أصابته قطرة من طشت فيه وضوء ، فقال عليهالسلام : إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه ، وإن كان من وضوء الصلاة فلا بأس » (٢).
وأمّا ما ذكره في حاشية الغرر من الفرق بين أصالة العموم في المقام وأصالة الحقيقة بأنّ المراد في الثاني معلوم بخلاف المقام ، ففيه ما لا يخفى ، لأنّ المراد معلوم في المقام أيضا ، للعلم بأنّ زيدا غير داخل في قوله أكرم كلّ عالم ، غايته
__________________
(١) مطارح الأنظار ٢ : ١٥٠.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ٢١٥ / أبواب الماء المضاف والمستعمل ب ٩ ح ١٤ ، وقد ورد ذيله في كتاب الخلاف ١ : ١٧٩ ـ ١٨٠ المسألة ١٣٥.